مرض اسمه العادية
انه نموذج سائد بيننا، موجود في حياتنا.. سمعتهم كثيرا ومازلت.
امرأة.. كل شيء في حياتنا "عادي" هادئ... يسير بسلام، ولذا هي تعاني من هذه "العادية" وتراها دلالة الخطأ وخلل ولذلك فهب ترسم صورة "مثالية" لما يجب، ثم تعيش بسبب هذه الصورة توترا شديدا، فهي تريد الأحسن، الأفضل.. باختصار، تريد شيئا فوق العادي، أو شيئا مثاليا لحياتها.. الزوجية بالذات..امرأة تسمع أن صديقتها تمارس مرات الجنس في الأسبوع اكثر منها. فتشكو أن حياتها الجنسية "عادية" وتحتاج لقوة دفع اكبر.
الحقيقة أن مشكلة "العادية" ليست صغيرة، فامرأة - اكثر من الرجل - تريد الكمال والمثالية في حياتها الجنسية، مع أن الجنس قد لا يهمها بقدر ما يهم الزوج.
في دراسة قامت بها المعالجة الجنسية "سوزان كويليم" وجدت أن 40% من النساء غير سعيدات بفاعلية حياتهن الجنسية، وان 21% من النساء بتغيير سريع وجذري يجعلهن يشعرن أن حياتهن الجنسية "غير عادية".
أن جذور المشكلة الحقيقية كما أراها. هي مسألة البحث عما يدور في حياة الآخرين الجنسية، ثم المقارنة، فالإحساس ب"العادية" والبحث عن مسألة مشابهة أو تفوق.
المسألة تبدو لي شخصية وقضية "موضة" وتفكير ساذج، فمسألة "العادية التي تؤلم الكثيرات في حياتهن الجنسية، لها شبيه في بقية مناحي حياتنا، فنحن نقارن أثاثنا، سياراتنا، مكياجنا، بالاخرين والحقيقة أن عرض "العادية" عرض عصري، يساير روح المنافسة العامة بين الناس والبحث عن إثارة مثلهم.. أو تميز عنهن.
وفي حساباتي، هذه لا تتعد كونها عقدا، وتبنيا لأوهام ندمر بها حياتنا. لنفرض أننا اقل في ممارسة الجنس، أو اقل في قول كلمات الحب، فما هي الخسارة إذا كلن هناك استقرار وسعادة؟!.. لماذا هذه الحسابات النفسية الشديدة؟
هناك واقع آخر، هو أن هذه الفئة لديها فضول عام ورغبة في معرفة حياة الآخرين الجنسية، وهذا الفضول يتكون من الإحساس بالنقص ليولد اندفاعا لمعرفة ما يدور لدى الآخرين، ومقارنته بالذات، مما يزيد الإحساس بالنقص الذي يجب أن يسد...
فالإنسان الطبيعي يشبعه أن يشعر بأنه عادي، لكن صاحب عرض "العادية" يشعر بأنه فاشل، وان "العادية" فشل يجب عليه أن يبذل مجهودا في علاجه، ربما التقاليد التي فرضت علينا معلومات قليلة عن حياتنا الجنسية وراء ذلك، فقلة المعلومات هذه هي التي تخلق فضول التساؤل عما كنا وما نحن فيه يجعلنا عاديين أو غير عاديين.
كذلك، فان الأدب المكتوب والأفلام التي تظهر صورة الجنس على انه ضرب من الخبال والرومانسية والمثالية العالية، يدعم إحساس عرض "العادية" فيظن أصحاب هذا العرض أن هناك خطأ ونقصا في حياتهم، فإحدى الدراسات الأجنبية وجدت أن ثلث النساء يجدن أن مفهومهن للعلاقة الجنسية مأخوذ من الكتب والأفلام، وان كنت أظن أن النسبة عندنا اكبر لعدم وجود مصادر أخرى. وعرض "العادية" نسائي اكثر من كونه رجاليا، وذلك لان الرجل يتعامل مع الجنس بآلية اكثر من المرأة، فالرجل يشبع رغباته بتفريغ الآني اكثر من المرأة، وكذلك لان المرأة، وكذلك لان المرأة تقرأ وتقارن وتحسد اكثر من الرجل، ولان المرأة تلام لأي خلل في الجنس اكثر من الرجل، كل هذه العوامل تجعل المرأة تصاب بعرض "العادية" اكثر من الرجل.
وإحساس "العادية" له علاقة أيضا بمشكلة عدم وصول للنشوة عند المرأة، والدراسات تؤكد أن المرأة تصل للنشوة فقط في ربع مرات النشوة، وهذا - بالطبع - كاف لان يشعرها بأنها بحاجة لأمر "فوق العادي" حتى يحصل ما يجب ولأجل أن يساعد هؤلاء المصابون بعرض "العادية" أنفسهم لهم هذه النقاط التالة:
كل ما تقرأونه أو تشاهدونه مجرد خيال، خيال كتابة، خيال سينما.
توقفي وبسرعة، وبقرار دماغي، عن المقارنة نفسك بغيرك.
لا تصدقي ما ترويه لك صديقات، فان 90% من حكايات النساء عن حياتهن الجنسية مجرد ضرب من المبالغة والكذب.
أنت بنفسك، مجردة من كل التأثيرات الأخرى، فكري مليا بحياتك الجنسية، وفكري بالتجديد الممكن.
انفتحي على شريك حياتك، اسأليه عما يحب، عن رأيه بحياتكما العاطفية والجنسية عامة. ركزي على الأمور الجميلة في علاقتك الخاصة، وضعي إحساسك بالأمور غير الجميلة.
قولي لنفسك ليس من الضروري أن أكون مثالية، فالعادية والطبيعية جيدة أيضا.
بقلم: د. فوزية الدريع